ترى الولايات المتحدة، في تقرير أخير وعلى العكس من العالم كله، ان الارهاب لا يشكل الخطر الرئيسي على أراضيها ومصالحها.
يتفق الجميع في كافة الأوساط السياسية والإعلامية في العالم على اعتبار الارهاب الخطر الأساسي الذي يواجه كافة المجتمعات حاليا، سواء في العالم الثالث او في العالم الصناعي المتقدم …
يتفق الجميع، باستثناء وزارة الدفاع الامريكية التي اعتبرت في تقرير اصدرته الشهر الماضي، ان الخطر الرئيسي الذي يهدد الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة هو الحرب الالكترونية، وهذا للمرة الاولى منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول عندما اعتبرت الولايات المتحدة ان الارهاب هو الخطر الرئيسي الذي يتهددها منذ عام ألفين وواحد.
والخطر الذي يتحدث عنه تقرير البنتاغون حول “الاستراتيجية الالكترونية” او cyberstratégie هو عسكري واقتصادي في آن واحد، ويعتمد التقرير سياسة هجومية وليست دفاعية في هذا المجال ضد أعداء مختلفين معروفين ومجهولين.
ويحدد هؤلاء الأعداء اولا في دول مثل روسيا والصين طورت استراتيجية وقدرات متقدمة في مجال الحرب الالكترونية التي تسمح لهم، وفقا للتقرير، باستهداف الاراضي والمصالح الامريكية وإنكار مسئوليتهم عن هجمات من هذا النوع. ويؤكد التقرير ان الصين تسرق بالفعل الابتكارات التقنية من الشركات الامريكية الكبرى لصالح الشركات الصينية.
ايران وكوريا الشمالية تتمتعان بدورهما باستراتيجية في مجال الحرب الالكترونية، وان كانت اقل تقدما، الا ان البلدين يتحركان بصورة معادية للولايات المتحدة على الشبكة الدولية، وأضف الى الدول التي تطور قدراتها في اطار شبكة الاتصالات، هناك قوى مثل تنظيم داعش الذي يستخدم الشبكة بالفعل للدعاية والتجنيد، وأعلن عن عزمه على تطوير قدرات تدميرية في هذا المجال.
هذه الحرب التي يمكن ان نصفها بأنها حرب عالمية، بدأت بالفعل وفق ما يؤكده تقرير البنتاغون، الذي يشير الى نشاطات معادية للمصالح الامريكية بهدف اختبار حدود من تسمح به الولايات المتحدة وقدراتها.
القدرات الامريكية ستشهد دفعة هائلة مع ارتفاع ميزانية القوات الالكترونية الامريكية بصورة كبيرة لتبلغ عدة مليارات، حيث يعمل فيها ٦٢٠٠ شخص، عسكريين ومدنيين، موزعين على ١٣٣ وحدة تحت إمرة القيادة الالكترونية الامريكية، التي تعادل قيادات القوات الجوية او البحرية في الجيش الامريكي.
أهداف هذه القوات لا تختلف كثيرا من حيث المبدأ عن غيرها، بدءا من تطوير امكانياتها لمواجهة أعداء الولايات المتحدة ومرورا بحماية المصالح الامريكية، ولكن الهدف النهائي لأي قطاع عسكري، اي الرد على هجمات معادية، يبدو اكثر تعقيدا في عالم الحرب الالكترونية، ذلك ان تحديد نقطة انطلاق صاروخ محمل برأس نووي هو امر سهل للغاية، بينما يبقى تحديد مصدر هجمة الكترونية أمرا معقدا للغاية.
والأصعب ان الرأي العام يدرك جيدا مخاطر قنبلة نووية، بينما تظل نتائج هجوم إلكتروني غير واضحة بالنسبة له، بالرغم من انها يمكن ان تكون تدميرا.
المصدر : مونت كارلو