شهدت شركة “ديب سيك” (DeepSeek) الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي أزمة سيبرانية كبرى دفعتها إلى اتخاذ خطوة احترازية بتقييد تسجيل المستخدمين الجدد مؤقتًا. تأتي هذه الخطوة بعد تعرض الشركة لهجمات خبيثة واسعة النطاق أثرت على خدماتها. وقالت الشركة في بيان رسمي: “بسبب الهجمات السيبرانية الكبيرة على خدماتنا، تم تقييد التسجيلات بشكل مؤقت لضمان استمرار الخدمة. يمكن للمستخدمين الحاليين تسجيل الدخول كالمعتاد”.
اقرأ/ي أيضاً: واتساب يُصلح ثغرة أمنية تسمح بمشاهدة الوسائط ذات المشاهدة الواحدة بشكل دائم
النجاح السريع يضع الشركة تحت المجهر
تأسست “ديب سيك” في عام 2023 وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز الشركات الواعدة في الذكاء الاصطناعي. خلال فترة وجيزة، حقق تطبيق الدردشة الخاص بها شهرة عالمية، حيث تصدر قائمة التطبيقات المجانية على متجر “أبل” في الولايات المتحدة، متفوقًا على تطبيقات منافسة مثل “ChatGPT”. يُعزى هذا النجاح إلى التقنيات المبتكرة التي طورتها الشركة، خاصة نموذجها اللغوي “DeepSeek-V3″، الذي استطاع تقديم أداء فائق بتكاليف أقل بكثير من نماذج الشركات الأمريكية الكبرى.
أرقام مبهرة مقابل تحديات كبيرة
بحسب ما أوردته الشركة، يتم تدريب نموذج “DeepSeek-V3” باستخدام موارد حوسبة أقل بكثير مقارنة بمنافسيه. كلف التدريب الكامل للنموذج نحو 5.58 مليون دولار فقط، وهو مبلغ يُعتبر منخفضًا بشكل لافت مقارنة بتكاليف تطوير نماذج مشابهة من قبل شركات وادي السيليكون. ومع ذلك، أثارت هذه الإنجازات مخاوف أمنية كبيرة بسبب إمكانية استهداف الشركة بمزيد من الهجمات السيبرانية من منافسين أو جهات تسعى إلى ابتزازها.
أبعاد الهجمات السيبرانية وتداعياتها
يرى خبراء الأمن السيبراني أن هذه الهجمات قد تكون محاولة لابتزاز الشركة أو إعاقة تطورها من قبل منافسين. وقال “إريك كرون”، مستشار الأمن السيبراني في شركة KnowBe4: “الهجمات على ديب سيك قد تكون ناتجة عن محاولة للتأثير على سمعتها أو تحقيق مكاسب مالية من خلال الابتزاز”.
من جهة أخرى، اكتشف الباحث الأمني “يوهان ريبرغر” ثغرة أمنية خطيرة في روبوت المحادثة الخاص بالشركة. سمحت هذه الثغرة للمهاجمين بالسيطرة على حسابات المستخدمين من خلال هجمات تعرف بـ “حقن الإرشادات”. وعلى الرغم من أن الشركة سارعت إلى إصلاح هذه الثغرة، إلا أنها تُظهر التحديات التقنية التي تواجهها في تأمين منصتها.
خصوصية المستخدمين تحت المجهر
تثير سياسة الخصوصية التي تعتمدها “ديب سيك” تساؤلات كبيرة، حيث يتم تخزين بيانات المستخدمين، بما في ذلك تفاصيل الأجهزة وأنماط الاستخدام، على خوادم داخل جمهورية الصين الشعبية. يعتقد محللون أن هذه السياسة قد تزيد من التوترات بين الصين والولايات المتحدة، خاصةً في ظل الانتقادات الموجهة إلى تطبيقات صينية مثل “تيك توك”.
مستقبل ديب سيك بين النجاح والأزمات
رغم الهجمات والتحديات الأمنية، يرى محللون أن “ديب سيك” تُعيد تعريف المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي. وعلق “سام ألتمان”، المدير التنفيذي لشركة “OpenAI”، على أداء نموذج “DeepSeek-V3” بقوله: “هذا النموذج مثير للإعجاب، ومن الملهم أن نرى منافسًا جديدًا يقدم تقنيات مبتكرة”.
مع استمرار الشركة في تحقيق نجاحات تقنية واقتصادية، يبقى السؤال حول قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية والتنافسية في سوق يشهد تغيرات متسارعة. هل ستتمكن “ديب سيك” من تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في عالم الذكاء الاصطناعي أم أن الأزمات ستشكل عائقًا أمام طموحاتها؟