arabianbusiness :
أفاد تقرير صحفي مطول نشر اليوم الإثنين بأن العرب مهتمون بـ “التنكيت” أكثر من الوحدة العربية في عمليات بحثهم ضمن شبكة الإنترنت وجاء الجنس كموضوع مشترك بين العرب متقدماً على الكتب والصحف والجامعات البحوث وكل ما يخص العلم والثقافة.
ووفقاً لصحيفة “الوطن” السعودية “لم يتجاوز نصيب قضية الوحدة العربية بحسب التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية 333 عملية بحث في المتوسط تشكل 0.015 بالمائة، من عمليات بحث العرب على شبكة الإنترنت، والمفارقة أن هذا الرقم يقل بمقدار 19 ضعفا عمن يبحثون عن النكت العربية كشيء مشترك فيما بينهم، حيث أنتج هؤلاء 6600 عملية بحث في المتوسط شهرياً، ولا شك أن هذا الأمر يكشف إلى أي حدّ حدث تراجع الاهتمام بقضية الوحدة العربية على صعيد التواصل الرقمي حتى بدت أقل من أن تصبح نكتة، على حد وصف التقرير”.
وإجمالا تعكس هذه الأرقام، بحسب التقرير الصادر عن مؤسسة الفكر العربي، وهناً شديداً في القضايا التي تثير اهتمام العرب بصورة مشتركة عبر الفضاء الرقمي أو تمثل عامل جذب لتواصل رقمي مشترك حولها، ومن المهم أن يلتفت القائمون على أمور الثقافة والتنمية الثقافية إلى هذه الظاهرة السلبية والتعمق في دراستها ووضع حلول لها.
“الجنس يتقدم”
وقالت صحيفة “الوطن” اليومية في إن “اللافت أن يأتي الجنس كموضوع مشترك بين العرب متقدماً على المنتديات والقصص والكتب والمجلات والجامعات والبحوث والصحف، ويستقطب اهتماماً يعادل عشرات أضعاف الاهتمام الذي تستقطبه هذه الموضوعات عند النظر إليها كقضية مشتركة”.
أما كل القضايا والموضوعات المشتركة الحقيقية التي يتعين أو من الواجب أن يكون هناك اهتمام كافٍ بها، فبعضها موجود لكنه يندرج تحت النسبة الباقية التي تقل عن الربع، فمثلاً حظيت الصحف العربية بـ1.9 بالمائة من عمليات البحث بعدد 40 ألفاً و900 عملية في المتوسط، والجامعات العربية حظيت بـ0.22 بالمائة من عمليات البحث بعدد 4800 عملية في المتوسط، والبحوث العربية كان نصيبها 0.027 بالمائة بمعدل 590 عملية بحث في المتوسط شهرياً.
ومن الأمور التي لا تخلو من فجاجة ـ بحسب التقرير ـ أن جمهور الإنترنت العربي، وهو يسعى للاستهلاك والتواصل مع قضايا فكرية وثقافية وقومية أقحم البحث عن الجنس واللذة الحسية في غير موضعه وبلا مبرر وكأنه يسعى إلى تتفيه عمليات الاستهلاك والتواصل الثقافي التي يبحث عنها أو أنه لا يطيق التوقف عن استخدام الإنترنت كمطية للوصول إلى مواد إباحية حتى، وهو يسعى للتواصل الثقافي مشيراً إلى أن البحث عن الجنس احتل المركز الثالث عند البحث عن أشياء عربية مشتركة أخرى كالمنتديات والقصص والكتب والمجلات والجامعات والبحوث والصحف.
مسألة الحرية
نالت قضية الحرية 384 ألفاً و102 عملية بحث في المتوسط شهرياً تمثل 2.4 بالمائة من إجمالي متوسط البحث عن القضايا العامة، وكان 88 بالمائة منها عمليات بحث بكلمات عامة لا تحدد قضية أو مساراً بعينه، أما الباقي فتوزع 1 بالمائة على من يرغبون في الوصول إلى مواقع ومنتديات وموسوعات توفر معارف ومعلومات عن الحرية، و8 بالمائة كانت عمليات بحث تستهدف الوصول إلى معلومات حول أنواع وفروع معينة من الحرية.
واللافت أن قائمة كلمات البحث في هذا المسار تضمنت حرية النشر وحرية الإرادة وحرية الشعوب لكنها تضمنت أيضاً حرية الحيوان وحرية الطيور وحرية التملك، أما النسبة بالغة الضآلة الباقية وهي تناهز الـ3 بالمائة، فتوجهت إلى البحث عن قضايا الحرية مثل حدود الحرية وضوابط الحرية وعوائق حرية التعبير والحرية بين الالتزام والفوضى والحرية والتحرر وغيرها، وبلغ متوسط عدد عمليات البحث في هذه القضايا وغيرها 12 ألفاً و464 عملية بحث في المتوسط شهرياً.
ويصل التقرير انطلاقاً من تلك الأرقام إلى أن الحرية في الفضاء الرقمي قضية شديدة النخبوية، وتهتم بها فئة قليلة للغاية من جمهور الباحثين عن المعلومات من العرب مقارنة بإجمالي عدد مستخدمي الإنترنت أو حتى الباحثين عن نوعيات أخرى من المعلومات.
الديمقراطية المتراجعة
ويبدو الاستهلاك والتواصل الرقمي مع قضية الديمقراطية أسوأ من الاستهلاك والتواصل مع قضية الحرية، فعمليات البحث عن الديمقراطية بلغت 247 ألفاً و351 عملية في المتوسط شهرياً. وهو رقم يقل عن عمليات البحث عن الحرية بـ136 ألفاً و751 عملية وهو ما جعل قضية الديمقراطية تتراجع لما بعد الحرية من حيث النسبة، وتحصل على 1.5 بالمائة فقط من إجمالي متوسط عمليات البحث عن القضايا العامة.
الفكر في المؤخرة
وجاء في المرتبة قبل الأخيرة الاهتمام بقضية الفكر العربي، حيث لم يتجاوز المتوسط الشهري لعمليات البحث التي استهدفت التواصل مع القضية 7960 عملية، ويغلب على كلمات البحث المستخدمة فيها السمة نفسها التي ظهرت في البحث عن قضية المذهبية، والمتمثلة في استخدام كلمات بحث شديدة العمومية يغلب على البعض منها التشويش ويسودها جميعاً عدم التحديد الذي يدل على عدم اكتراث أو لا مبالاة من قبل منفذي عمليات البحث، مما يدل على أن عمليات البحث في القضية ربما جاءت عرضاً، ولم تنجم عن اهتمام حقيقي.
تحليل البيانات
وأظهر التقرير تواصلاً نشطا مع مبدعي وإبداعات اللغة خصوصاً حينما يأتي الشعراء في المركز الثاني بعد المطربين والمغنين، ويسبقون ممثلي السينما والمسرح والتلفزيون والأدباء من حيث الرغبة في التواصل رقمياً مع شخوصهم كما احتل الأدب صدارة قائمة الفروع الثقافية العشرين من حيث البحث عن أعمال إبداعية بالاسم، وجاء بعده المسرح في المركز الثاني في حين تقهقرت السينما إلى المركز العاشر والغناء للمركز الحادي عشر بمعدلات بحث لا تكاد تذكر.
وتباين سلوك مستخدمي الإنترنت في تواصلهم مع العديد من القضايا الكبرى التي شملها الرصد والتحليل فبينما منح الجمهور قدراً كبيراً من التركيز والاهتمام للقضايا الكبرى كما هو الحال مع قضية فلسطين أظهر قدرا واضحا من الإهمال والانصراف مع قضيتي المذهبية والطائفية وقضايا أخرى مثل الحرية والديمقراطية والتنوير. وهذا معناه أنه يهتم بالقضايا التي يفترض أن تجمع وتوحد الأمة وتعد قضيتها المركزية ولا يكترث بالقضايا التي تفرق وتحدث مزيداً من الشروخ بين العرب كالقضايا الطائفية والمذهبية.
نقاط الضعف
في مقابل نقاط القوة السابقة أظهرت التحليلات أن توجهات الجمهور نحو التواصل الثقافي الرقمي تعاني عددا من نقاط الضعف منها أن توجهات الجمهور نحو التواصل الثقافي استهلاكية ترفيهية سطحية النزعة في الغالبية الساحقة من عمليات البحث التي نفذوها كما هو الحال عند من يفضلون التواصل مع أفلام الرعب والاغتصاب، وكذلك بدائية أدوات البحث والتواصل حيث شكلت عمليات البحث بالكلمات العامة والسطحية الخالية من أي تحديد أو ذكر لنطاق بحثي معين سواء على صعيد الموضوع أو الزمن أو السمات العمود الفقري لتوجهات جمهور الإنترنت العربي وهو يحاول التواصل بصورة رقمية وكذلك ضعف التواصل مع المؤسسات والمنشآت حيث بدا التواصل في هذه النقطة ضامراً خافتاً وشحيحاً للغاية في سعيه للاستهلاك والتواصل رقميا مع الأنشطة والمحتوى الثقافي الخاص بالمؤسسات الثقافية الرسمية والعامة التي تتولى نشرها جماهيريا حيث هناك عزوف بالغ الوضوح في التواصل مع المؤسسات القائمة على أمور الكتب والكتاب سواء في القطاعين الحكومي أو الخاص.
وأظهرت نتائج التقرير ضعف التواصل الحي والفوري بل كانت عمليات تواصل جامدة خالية من اللحظية والحيوية باتت السمة الغالبة للتواصل الرقمي عبر الإنترنت وكذلك ضآلة الاهتمام بالقضايا والأفكار وأظهر جمهور الإنترنت العربي في بعض الأحيان انحيازا وإقبالا للعديد من الفروع الثقافية غير العربية ورموزها، ومن الأمثلة البارزة في هذا الصدد التوجه نحو السينما الهندية والأتراك، كما كانت هناك بعض الإشارات المقلقة منها مثلاً أن الرقم الخاص بعمليات البحث التي سعت للاستهلاك والتواصل مع السينما الإسرائيلية وصل إلى 9900 عملية بحث شهرياً، وهو رقم يفوق بل يصل إلى ضعف الأرقام الخاصة بالعديد من أجل التواصل مع فروع ثقافية عربية أصيلة كالتراث والآثار مثلاً.
عمليات البحث في الطوائف:
تضم قائمة الطوائف الدينية التي تتوزع عليها عمليات البحث 16 طائفة دينية، ومتوسط البحث شهرياً التالي:
الطائفة الشيعية مليون و368ألفا و390 عملية.
الطائفة السنية مليون و201 ألفا و378 عملية.
بعد ذلك تأتي طوائف أخرى كالدرزية والسامرية والزيدية والمعمدانية والإنجيلية والمارونية، والنصيرية، وغيرها.
تتوزع النسبة الضئيلة الباقية على عمليات بحث عامة عن الطائفية وبعض القضايا الطائفية كالفتنة الطائفية والطائفية السياسية والطائفية في بعض البلدان العربية كالعراق ولبنان والكويت والسعودية والصراع الطائفي.
الاهتمام بالطائفية 2 بالمائة من السينما.
ورد في التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي الإحصاء التالي:
عدد عمليات البحث المهتمة بمسألة الطائفية على شبكة الانترنت أقل من 2 بالمائة ممن يهتمون بالسينما، وأقل من 5 بالمائة ممن يهتمون بالغناء ونصف من يهتمون بالمسرح ويتساوون تقريبا مع من يهتمون بالكتاب.
عمليات البحث عن المطرب تامر حسني أكبر من عمليات البحث عن الطائفية في العالم العربي، ما يعني أنه إذا كانت قضية الطائفية تشكل عوامل قلق وأرق واضطراب في الواقع الفعلي يصل إلى حد إراقة الدماء وإشاعة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، فإنها على صعيد التواصل الرقمي لا تشكل اهتماما بالقدر نفسه، بل تعتبر قضية غير مثيرة وغير جاذبة للغالبية الساحقة من جمهور الإنترنت في العالم العربي.
وبالرغم من أن قضية الطائفية تأتي في المركز الثاني بعد فلسطين في عدد عمليات البحث المهتمة بها، فإنها إجمالاً لم تحظ بمستوى اهتمام ملحوظ أو مقلق من قبل جمهور الإنترنت في العالم العربي.